خارج النص
العودة لبورتسودان
أثارت عودة وزير داخلية آخر حكومة قبل اندلاع الحرب الفريق عنان موجة غضب عارمة وسط قطاعات عريضة من الشعب السوداني تتهم عنان بالتخاذل يوم الكريهة والهروب ساعة المواجهة وترك الشرطة لتقديرات ضباطها من غير قائد مما أدى لسقوط العديد من المواقع الكبيرة ويأخذ على الفريق عنان صمته المريب طوال سنوات الحرب واختبائه بعيدا حتى عاد الأسبوع الماضي وسط احتفاء كبير من قبل قيادة الشرطة مما أثار ربكة في المشهد وذهب البعض للتاويل بأن الرجل سيعود وزيرا للداخلية في مقبل الايام ولكن البعض يعتبر العودة حقا لكل سوداني حتى ولو كان من المعارضين أو المتماهين مع المليشيا ومن يملك دليلا على تواطؤ عنان من الجنجويد عليه تقديمه للعدالة وهكذا تدور في الأوساط العاصمية البورتسودانيه المجالات في وقت شهدت فيه الأيام الأخيرة عودة رموز كبيرة في ساحات الإعلام والسياسية من الداعمين للشعب السوداني وليس الداعمين للجيش كما يقول البعض فالجيش يقف مع الشعب وكل من يساند الجيش بالضرورة هي من يسند ظهر الجيش وقد عادت امرأة مقاتلة وصحافية ظلت تصادم بقلمها ولسانها فلول الجنجويد وتابعيهم ولم ينكسر قلم حنان عبدالحميد الشهيرة بأم وضحاح تلك حقيقة إذا اختلفنا معها يوما في تقديرات ظرفية فلانملك الا تسجيل نجمة في صدرها وهي وآخرين في المنافي البعيدة باجسادهم وفي كرري والمناقل والفاشر بأرواحهم وعندما تصدر الكرامة هذا الصباح ربما حط طائر الغرنوق أو قصر الجديان الكاتب الكبير محمد محمد خير في بورتسودان الدافئة لقضاء أسابيع بين المجاهدين والمقاتلين عائدا من كندا التي يحتاج السفر إليها إلى عزم وطاقة تحمل ضغط الجو والبحر بما يهد الحيل وينال من الجسد الذي اوهنه المرض ولكن محمد محمد خير وهبه الله طاقة روحيه وعزيمة وصبرا على الجراح وتساميا فوق الصغائر ومواقف كبيرة جعلته يخسر كل رفقاء رحلته في دنيا الصحافة والنضال السياسي من أجل السودان وقواته المسلحة ومحمد محمد خير الأقرب وجدانيا في يوما ما إلى تحالف المعارضة الحالي ولكنه حينما نظر وقدروقرا المعلومات التي بين يديه وهو رجل يقيم في كندا وموصول بدوائر مهمة في الولايات المتحدة الأمريكية قرر الرجل أن يمشي وحده مع الجيش ويشد من عضده ويقاتل بالسلاح الذي يملكه قلمه ولسانه وكان محمد خير دبابة في متحرك الشهيد عرديب وراجمة في محور الصحراء وقالها علنا في وجه صديقه السابق حمدوك بعد رفقة ثلاثين عاما ياحمدوك نفترق على الحق ولن أضع يدي فوق يدك بعد اليوم في هذه الدنيا وانت تحرض على الجيش وتقاتل مع الجنجويد
هكذا وقف محمد محمد خير مثل حاج ماجد سوار ومثل مزمل أبوالقاسم ومحمد حامد جمعه والألاف من أبناء الشعب السوداني
والاسبوع الماضي عاد إلى البلاد أيضا الدكتور عيسى بشرى محمد وزير العلوم والتكنولوجيا الأسبق والقيادي في حزب المؤتمر الوطني وينتظر من عيسى بشرى أن يقول كلمته للتاريخ عن ممارسات المليشيا ويصدح بموقفه الدعم للجيش جهرا فهذا زمان الإفصاح والتعبير عن الرأي وفي الأيام القادمات سيعود آخرين إلى بلادهم ولسان حالهم يردد مقولة مصطفى سعيد في روايه موسم الهجرة للشمال ليس مهما من أين عدت ولماذا عدت ولكن المهم أنني عدت والعودة للوطن هي حالة طبيعية والاستثناء أن يبقى الإنسان في الغربة معذبا في الأرض ولو كنت في مقام وزير الاعلام خالد الأعيسر لوجهت الدعوة لكاتب كبير عظيم الأثر بالغ الأهمية مثل عبدالعزيز بركة ساكن لزيارة السودان ولقاء قادة البلاد وتكريمه بما يستحق وفي ذلك تكريما لكل أدباء بلادي وحالة بركة ساكن تقارب حالة محمد محمد خير من حيث الانتماء لطبقة من المثقفين والأدباء والكتاب ظلوا تاريخيا في حالة نفور أقرب العداوة مع سلطة بلادهم اي كانت وبركة ساكن حينما شاهد بعينه مايحيق بأهله في السودان وعشيرته المساليت لفظ كل تاريخ علاقاته بمعسكر عرمان وحمدوك وبقية قوم المبعوث فوكلر واختار أن يكتب رواية الاشوس التي تعري سلوك الجنجويد وتخاطب مخيلة المثقف العربي والافريقي والأوروبي ولو كانت لنا مسؤولين في بلادنا ينظرون ابعد من ارنبة أنفهم لطبعوا الاشوس ووزعونها في أرض الله وأركان الدنيا ولكن اقطع زراعي اليمين لم يقرأ اي من أعضاء مجلس الوزراء والسيادة أخطر رواية كتبت تحت رماد الحريق وصرير السلاح
مابين عودة عنان وحنان ومحمد محمد خير تشرق شمس جديدة في بلادي التي تهوى بها الحرب لقاع سحيق ولا يلوح في الأفق حسما عسكريا قريبا ولا تسوية تعيد للشعب السوداني حقوقه وتجفف دمعته الغالية وطالت في السنين أحزان
يوسف عبد المنان
الكرامة ٧يناير